ما بين شبيحة النظام الأوكراني والمندسين

by mkleit
محمد قليط
متظاهرون يهددون الشرطة بجرافة

متظاهرون يهددون الشرطة بجرافة

تفاقمت حدة الخلاف في أوكرانيا بين السلطة والمعارضة بنحو متسارع. الخلاف الذي كان أساسه طلب المعارضة من الحكومة تذليل العقبات أمام انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي، احتدم بعد إقرار الحكومة قانون منع التظاهر الذي دفع المعارضة إلى تصعيد تحركاتها واندلاع أعمال شغب أودت بحياة 6 من أفراد الشرطة واحتلال مبان حكومية، الأمر الذي جعل الحكومة والرئيس يرضخون لشروط المعارضة بالتراجع عن القانون واستقالة رئيس الحكومة وعرض الرئيس فيكتور يانوكوفيتش على المعارضة تسلمها.

الأزمة التي بدأت بتظاهرات سلمية سرعان ما تحولت إلى مواجهات محتدمة بالأيدي والأسلحة ما بين الطرفين بعدما دخل العنصر الأمني أو «الطابور الخامس»، فيما تقاذف طرفا النزاع المسؤولية عمّا حصل ورماها على الطرف الآخر.

داخلياً، «انشقت» صفوف الشعب الأوكراني إلى طرفين: الأول ينتمي إلى تنظيمات المعارضة، المعروفة بـ«مايدان الراديكالية أو الأوروبية» (Radical-Euro Maidan)، التي تطالب بتغيير القوانين «اللاديموقراطية» في البلاد والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي أصبح شارة على كتف المتظاهرين المؤيدين. أما الطرف الثاني، فهم مؤيدو نظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، وهم مؤلفون من رجال الأمن «بيركوت» (Berkut) بالإضافة إلى «التيتوشكي» (Titushki)، وإن جاز التعبير «شبيحة النظام» أو «وحدات الحماية الشعبية».

مع تطور الأوضاع، انقسمت المعارضة بين معتدل ومتطرف. فطالب المعترضون بالتغيير الديموقراطي عبر الانتخابات المقبلة القريبة، ووافقت على التنازلات التي قدمتها الحكومة.

بينما طالب المتطرفون بإسقاط السلطة بشكل تام والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. المعارضة الأوكرانية، آرينا كوزنيتوفا رأت أن المتطرفين «لا يستحقون الانضواء تحت اسم الاتحاد الأوروبي؛ لأنهم يتصرفون بطريقة همجية، فمن يرد الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي، فعليه التصرف بأن لا أحد فوق القانون، وأن لا يحصل التعدي على الممتلكات العامة، وهو ما لا ينطبق على المتظاهرين من «مايدان الراديكالية»».

وأضافت كوزنيتوفا في حديث لها مع «الأخبار» أن «المعارضة الراديكالية تعرضت للضرب المبرح وسقط عدد من المتظاهرين بسبب عنف الشرطة ووحشيتهم، ولكن هناك المئات من رجال الشرطة ذهبوا إلى المستشفيات بحالات حروق حرجة جراء رمي قنابل المولوتوف عليهم من قبل متظاهرين ملثمين ويحملون شعار السواستيكا النازية (الصليب المعقوف)».

المشهد الأوكراني استحوذ على اهتمام شاشات التلفزة وعناوين الجرائد العالمية، ولم تمر مرور الكرام، وكانت فقرةً أساسية في نشرات أخبار التلفزة، وبالأخص تلك المنضوية تحت مظلة المعسكر الأميركي ـ الأوروبي. وبدا واضحاً وقوف الإعلام الأميركي، بطرفيه المعارض والرسمي، مع مطالب المتظاهرين المعارضين للحكومة الأوكرانية على اعتبار أنها محسوبة على «العدو» روسيا، واتفقت المحطات على أحقية الشعب الأوكراني في التظاهرات ووجود «وحشية» في التعامل مع المتظاهرين، على حد تعبير بعض وسائل الإعلام هناك.

بدورهم، نسي طرفا النزاع المبادئ الإعلامية التي تتعلق بالحيادية والموضوعية، فحتى الآن لم تُنشَر أخبار عن الإصابات البالغة في صفوف الشرطة والتعديات عليهم من قبل الإعلام المؤيد لـ«المايدان»، الذي يجهد بطرفيه المعارض والحكومي لإظهار الحكومة الأوكرانية ورجال أمنها على أنهم «مرتزقة».

ووصل الأمر إلى حد نشر أخبار مفبركة على حساب المعارضة الأميركية من حركة «احتلوا وال ستريت» الرسمي، التي تتضمن فبركات عن الاستعانة برجال أمن روس يرتدون الزي الأمني الأوكراني، وذلك «لحماية مصالح (الرئيس الروسي) بوتين في أوكرانيا»، بحسب أحد الحسابات المنثبقة من الحركة. وأضاف مخترق الحساب أن «التيتوشكي» يقبضون يومياً ما يعادل 42$، وهو ما دفع الحكومة الأوكرانية إلى نفي ما عدّته «تلفيقاً» ضدها. قناة «سي أن أن» على سبيل المثال، الوجه الإعلامي الأبرز لأميركا، عرضت مقالاً على موقعها، بدا أكثر إدانةً ليانكوفيتش، حيث أظهرت جزءاً بسيط يدافع عن الرئيس الأوكراني، بينما الإدانات كانت بنسبة أكبر من التأييد، وقد استعانت «بأهل الديموقراطية»، أي الاتحاد الأوروبي، الذي أعرب عن «قلقه في ما خص التقارير «الموثوقة» عن التعذيب وسوء معاملة الشرطة للمتظاهرين».

من جهته، الإعلام التابع والمؤيد للحكومة الأوكرانية، وبالأخص الروسي والبيلاروسي، ركز على مبدأ وجود «طابور خامس» في صفوف المعارضة، مدعوم من أطراف خارجية «تحاول إغراق أوكرانيا في فخ الاتحاد الأوروبي الرأسمالي وجعل أوكرانيا سوق تجاري لها»، بحسب إيوجين تيتوف، مؤيد أوكراني لنظام يانكوفيتش، في تعليق له على موقع «other98.com» التابع للمعارضة الأميركية. وأضاف تيتوف: «إن أردتم تغيير يانكوفيتش، فالانتخابات قريبة. قوموا بذلك كالأوروبيين الذين تزعمون أنكم منهم، لا كالنازيين البربر». من جهتها قناة «روسيا اليوم»، لم تتوانَ عن اتهام الإعلام الغربي بالقيام بحملة علاقات عامة للمتظاهرين، حيث نشرت مقال رأي للصحافي والمدون نيل كلارك أشار فيه إلى لقاءات السيناتور الأميركي جون ماكين مع المعارضة قبل التظاهرات، بينما شكك بأصالة المعارضة في ظل اهتمام غربي كبير «بالجماعة النيو ــ نازية واليمين السياسي المتطرف»، مضيفاً: «لو حصلت هذه التظاهرات وعلى النحو ذاته في أوروبا الغربية، لما وجدت هذا الاهتمام الكبير سياسياً وإعلامياً، أو لو قامت الموالاة بتظاهرات كهذه، لكانوا هم الغوغاء والهمج».

السيناتور الأميركي جون ماكين يقف مع قادة المعارضة الأوكرانية

السيناتور الأميركي جون ماكين يقف مع قادة المعارضة الأوكرانية

الأخبار

Freedom to Speak, Respectfully.